التخطي إلى المحتوى الرئيسي

جلسة مغلقة

  جلسة مغلقة

قصة قصيرة


الحاجب: قضية رقم 1274 المدعى عليه جابر عمران محمد الشاكية الزوجة صفية عز الدين وصفي

القاضي: ماهي حيثيات القضية أيها المحامي؟

المحامي: سيدي القاضي ترغب موكلتي بجلسة مغلقة 

القاضي: ولماذا؟

المحامي: مسألة شخصية وحرجة 

القاضي: الرجاء إخلاء قاعة المحكمة

تذمر الجميع وخرجوا متثاقلين من بينهم صحفي شاب كان يدون معظم القضايا وينقلها للرأي العام في إحدى الصحف.

اقتربت الزوجة مرتبكة من منصة القاضي مع زوجها في معية المحامي  

القاضي: اذن ماهي شكواك؟


في هذه الأثناء وأمام باب القاعة كان الصحفي يمشي جيئةً وذهابا وكله فضول لمعرفة فحوى القضية محاولا اقناع حاجب المحكمة أن يدخله من الباب الخلفي وسيكافئه بعلاوة، ولكن لا حياة لمن تنادي. نظر لمن كانوا معه في القاعة لا أحد يبدو عليه ذا قرابة إلا شابة ترتدي ثوبا أبيض بها أثار حزن بائن. 

الزوجة: إنني معلمة وأم وكما هي عادة المرأة  تعمل ليل نهار في خدمة أبنائها وزوجها وأهله في أحيان كثيرة. وأعود من عملي منهكة وأحاول جاهدة تلبية طلبات كل من في البيت ما عدا زوجي الذي استعصى علي طاعته

القاضي: لماذا؟

الزوجة: لأنه دائماً يرغب المزيد

القاضي: ماذا تعنين بالمزيد؟

الزوجة: في الفراش

يضحك الزوج ويحاول التحدث فيرمقه القاضي بنظرة زاجرة فيصمت 

تواصل الزوجة: زوجي يعاشرني ليل نهار وبين ساعات العمل وأضطر لتأجيل أمور بيتي وعملي بسببه.

القاضي: لكن يا صفية هذا شأن طبيعي في البيوت 

الزوجة بصوت غاضب: حينما تصل معاشرة الزوجة لأكثر من خمس عشرة مرة في اليوم هذا ليس طبيعي


في اليوم التالي تقف الزوجة بين تلاميذها وهي ساهمة تفكر في جلسة الأمس وما حدث من تفاصيل وسجال بين زوجها والقاضي. وبعيد خطوات من المنزل لاحظت أن هاتفها به 70 مكالمة من رقم زوجها ووالدتها وأرقام أخرى. فتحت باب منزلها فوجدت والداها وابنة عمتها وزوجها أمامها فصرخت بخوف: اللهم اجعله خير هل ابنتي بخير؟ 

فصاح زوجها: كيف يمكنك أنت تفعلي ذلك؟ ألا يكفيك الأذى النفسي الذي سببته لي في المحكمة؟

قالت: لا أفهم !!

ناولتها الأم صحيفة الفضائح الأكثر مبيعا في المدينة وقرأت مانشيت عريض باللون الأحمر "زوجة تطلب من زوجها الطلاق لكثرة معاشرته لها"

قرأت الزوجة مصدومة قائلة: ولكن أنا لم أطلب الطلاق من فعل هذا؟

نظر إليها زوجها بحنق قائلا: تريدين الطلاق؟ أنتِ طالق وخرج موصداً باب المنزل.

تهللت أسارير ابنة عمتها الأرملة ذات الأربعة وعشرون ربيعاً مرسلةً من هاتفها إشارة إرسال لمبلغ مائة الف جنيه. وعانقت قريبتها مواسية باسمةً تتذكر حينما اقترب منها الصحفي قائلا: ما قصة الجلسة المغلقة؟ 

قالت بارتباك: لا علم لدي

 الصحفي: يبدو أنك تعلمين الكثير، على العموم قد أكون مفيداً لقريبتك في قضيتها أكثر مما تتصورين هذه بطاقتي سأنتظر اتصالك.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يوم في مصحة عقلية

من يعش بين المجانين يصعب عليه العيش وسط العقلاء  في الأولى نفوس مضطربه ولكنها صافية، عقول غائبة ولكنها مسالمة أما في دنيا العقلاء فأنت وسط جيش يقحمك في معارك المشاعر المتسخة والعقول الماكرة إما قتلوك غدرا وإما أسروك تشفيا  اليوم الذي يقتادوك فيه الى المصحة العقلية وسط عدد ليس بقليل من المضطربين، سترتعد من تصرفاتهم وهيئتهم وعبثهم, ويصيبك تشويش ذهني طفيف وأنت تستحضر كل أحاديث العقلاء عن الجنون, وكل ما قرأت عن فاقدي العقل. كما تتدفق صور كل النساء والرجال المتسخين والحفايا والهائمين على وجوههم في الأسواق والشوارع وهم يحدثون أنفسهم ويصرخون، والجميع يتجنبهم أو يصرفهم بلؤم.  تخافهم بعقل ويهابونك بلا عقل... اذا حالفك الحظ وأطالوا اقامتك بين المرضى -ولا أعلم من هو المريض أنت أم هم- سيهالك الفزع والحيرة عند اكتشافك أنك أول عاقل تسبب في زج هؤلاء إلى سجن الذهول هذا الذي يحاصرهم. حينئذ لا تبتئس وتشعر بالتعاطف أو تبلل خديك عبثا فالمجرم بلا قلب انما بعقل كامل ومتقد. لا تحاول ان تستجوب المشرف الطبي عن قصصهم فلن يستوعب عقلك الكبير مدى البؤس الذي اجتاحهم من عقلاء حولهم، ولن تدرك الفوضى التي خلفها المجتم

أمـــي .. ولـــــكن !!!

عندما يتحدث الأخرون عن عيد الأم أتذكر أيامنا فى الثانوية حيث كنا نجلس فى شكل دائرى ونتحدث عما فعلنه بنا أمهاتنا .. من تفاصيل ، وغضب ، ونقد . كل فتاة منا كانت من مجتمع ، وتربية ، وموازين مختلفة عن الأخرى ولكن جميعنا كنا نعاني من تربية الأم السودانية. وفي كل صباح كانت تنضم الى حزب النقاش فتاة جديدة .. وكنا نكتشف أن الامهات السودانيات مهما اختلفت مستوياتهن العلمية او البيئية فهن من حواء سودانية واحدة بمعايير ثابته .. حتى اننا دُهشنا حينما أكتشفنا أن حتى الفاظ (التجريح، والزجر والعقوية) متشابهه اذا لم تكن متطابقة . ورحمة الله عليه دكتور عبدالجليل كرار"مدير مدرسة المنار الجديد بنات" كان يأتي ليجلس معنا ويطلق علينا ( جمعية مناهضة الأم السودانية ) فكنا نعترض على لفظ الأم ونضيف (تربية الأم) السودانية .. من الجانبين تربيتها هي كفتاة ، وحينما تغدو مُربية . كنا نفتتح النقاش بملاحظات أو أسئلة صغيرة مثل ( تفتكروا في زول فى السودان بكره أمه ؟ ) كانت الاجابة المعتادة لا وكان السؤال الذي يليه لماذا ؟ كان الرد .. بعد صمت طويل للبحث عن مبرر، وخوفنا منه نقول لأنها بإختصار أم .. السؤال الذي يليه

ماذا ستختار؟

لا بأس بقليل من البذاءة وعدم الاحترام والتعنت والصراخ والتمرد في هذه الحياة فحتى الرب يستحب اخطائنا وتوبتنا  لكن النظرية المثالية في المجتمع المسلم الشرقي ضد الخطايا وتحفز بعنف شديد منذ الصغر على اظهار الملاك الذي يسكنك على الرغم أنني ويا سبحان الله لم أصادفه في حياتي منذ أن وعيت لمعنى الحياة بالمقابل كل الذي يحوم حولك هو السباب من والديك مع حفنة قليلة من الكلمات الرقيقة الموسمية، تهاجمك شهوة النساء والرجال في مراهقتك ولا أحد يدلك لطريق الخلاص سوى أصدقاء -بارك الله فيهم- ينعتون بأصدقاء السوء رغم أن سوئهم كان المنقذ الوحيد في مقابلة الصمت من المجتمع الذي يعشق الرزيلة ويخرس حينما تحتاجها، ثم تبتلع صديد المجتمع بكل فئاته في العمل في الشارع في الزواج حتى الإمام في المسجد الذي تأوي اليه اسبوعيا لا ينفك يشعل نيران غضبك لا تهدئته النتيجة إما ازدواجية تعتريك كما حدث لكل الذين سبقوك في الحياة وإما صمت طويل لا فكاك منه أو الهرب وغالبا ما يختار العاقل هذا الأخير لأنه أخف ضررا نهرب من بلداننا ومن منازلنا ومن أنفسنا ومن عباداتنا ومن أزواجنا ومن خالقنا فليس لدينا من الشجاعة ولا الايجابية ولا الخبرة