التخطي إلى المحتوى الرئيسي

قهوة ساخنة تصنع الجمال .. ولاشي غيره


كل جمال الدنيا هو حالة ادهاش يُصيبها التعود لتُصبِح ملل مغصوبين عليه .. اذن لو كان الجمال فى كل شى ، وكل يوم ، وفى كل تفصيلة لكنا مللنا هذا الحُسن يوما ما ؟ .. السيدة الجميلة تُدهِشُنا وحينما نتذوقها تتحول الى خانة العادية الا حينما تُجدد زوايا حُسنها فينا ..
واللوحة الرائعة التي نقتنيها من احدى الباعة تصبح فى مدخل البيت شى حتمي ولون يذوب مع بقية الالوان فى اعيننا .. اذن لابد للكون فى كل يوم من وجه جديد ورائحة جديدة وامتحانات احلى .. بارد ساخن .. حلو ومر .. احبك اكرهك .. هي ليست من اجل التضاد هي حالة تغيير من اجل التوازن والانسجام .. حتى البشر خلقوا بطبع التغير والأمنيات المتقلبة ( اذا مسه الشر جزوعا ، واذا مسه الخير منوعا) هكذا هي الدنيا الف لون وكل لون ممزوج باخر ليُنسِق واخر ليشوه.

المال والجمال .. من منهما يملك مِفتاح الاخر ، ومن منهما يُسِعد الاخر ، ( ويُحِبون المال حُباً جما) ، تاريخ البشرية قائم على هذا المال والسلطة ، والرفاهيه لامتداد الوجود ، لكنهم لم يبحثوا عن غايته بنشر الحب ، ورحمة الفقراء ، وتحقيق العدالة ، وتآلف العباد ودوما كان البحث فى وسيلته لذلك قامت الحروب وبُنيت مدن وسواحل. من اجل المال ضاعت صحة الانسان وأحلامه .. واحياناً حتى الازواج يقيسون سعادتهم على أساس المادة .

الجمال كان خيار إلاهي دوماً فالله صنع الجمال ونشره بشي من الحذر حتى نعي هذا التضاد والانسجام في أسمائه جل وعلا ، قليلون من يبحثون عن الجمال فى الواقع ، لكون كل شي مآله الذبول والضياع والتشوه كما هو حاضر فى دنيانا ، وهذا مرده للقبح الذي يصنعه ساكني الارض .

ليس كل صاحب مال يصنع الجمال ومن يصنع الجمال ينشره . جمال الروح ، والوجه ، والخُلق ، والحب .. نعمة الجمال هي هبة من الله تعالى فإذا لم يخصك بها إبحث عنها فى تفاصيل دنياك في العلم ، والخلق ، والطبيعة ، ولأن البشر لا تعي معنى الجمال ، لذلك من يسود العالم هم اصحاب المال وليس أهل الفن ، من يحكم العالم هم اهل السلطة وليسوا عاشقي الجمال .

هذه رسالة صغيرة لأهل الفن ومن يسكنهم الجمال أين تأثيركم على المجتمع .. أم أنكم إستثمرتم جمالكم كما يفعل العامة من اجل المال . تخيلوا معي اذا لم يوجد فى بلادنا ثقافة للجمال هل سنتعود هذا القبح ؟

جمال لله يا محسنين .. ود ، ورحمة ، وإبتسامة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يوم في مصحة عقلية

من يعش بين المجانين يصعب عليه العيش وسط العقلاء  في الأولى نفوس مضطربه ولكنها صافية، عقول غائبة ولكنها مسالمة أما في دنيا العقلاء فأنت وسط جيش يقحمك في معارك المشاعر المتسخة والعقول الماكرة إما قتلوك غدرا وإما أسروك تشفيا  اليوم الذي يقتادوك فيه الى المصحة العقلية وسط عدد ليس بقليل من المضطربين، سترتعد من تصرفاتهم وهيئتهم وعبثهم, ويصيبك تشويش ذهني طفيف وأنت تستحضر كل أحاديث العقلاء عن الجنون, وكل ما قرأت عن فاقدي العقل. كما تتدفق صور كل النساء والرجال المتسخين والحفايا والهائمين على وجوههم في الأسواق والشوارع وهم يحدثون أنفسهم ويصرخون، والجميع يتجنبهم أو يصرفهم بلؤم.  تخافهم بعقل ويهابونك بلا عقل... اذا حالفك الحظ وأطالوا اقامتك بين المرضى -ولا أعلم من هو المريض أنت أم هم- سيهالك الفزع والحيرة عند اكتشافك أنك أول عاقل تسبب في زج هؤلاء إلى سجن الذهول هذا الذي يحاصرهم. حينئذ لا تبتئس وتشعر بالتعاطف أو تبلل خديك عبثا فالمجرم بلا قلب انما بعقل كامل ومتقد. لا تحاول ان تستجوب المشرف الطبي عن قصصهم فلن يستوعب عقلك الكبير مدى البؤس الذي اجتاحهم من عقلاء حولهم، ولن تدرك الفوضى التي خلفها المجتم

ماذا ستختار؟

لا بأس بقليل من البذاءة وعدم الاحترام والتعنت والصراخ والتمرد في هذه الحياة فحتى الرب يستحب اخطائنا وتوبتنا  لكن النظرية المثالية في المجتمع المسلم الشرقي ضد الخطايا وتحفز بعنف شديد منذ الصغر على اظهار الملاك الذي يسكنك على الرغم أنني ويا سبحان الله لم أصادفه في حياتي منذ أن وعيت لمعنى الحياة بالمقابل كل الذي يحوم حولك هو السباب من والديك مع حفنة قليلة من الكلمات الرقيقة الموسمية، تهاجمك شهوة النساء والرجال في مراهقتك ولا أحد يدلك لطريق الخلاص سوى أصدقاء -بارك الله فيهم- ينعتون بأصدقاء السوء رغم أن سوئهم كان المنقذ الوحيد في مقابلة الصمت من المجتمع الذي يعشق الرزيلة ويخرس حينما تحتاجها، ثم تبتلع صديد المجتمع بكل فئاته في العمل في الشارع في الزواج حتى الإمام في المسجد الذي تأوي اليه اسبوعيا لا ينفك يشعل نيران غضبك لا تهدئته النتيجة إما ازدواجية تعتريك كما حدث لكل الذين سبقوك في الحياة وإما صمت طويل لا فكاك منه أو الهرب وغالبا ما يختار العاقل هذا الأخير لأنه أخف ضررا نهرب من بلداننا ومن منازلنا ومن أنفسنا ومن عباداتنا ومن أزواجنا ومن خالقنا فليس لدينا من الشجاعة ولا الايجابية ولا الخبرة

أمـــي .. ولـــــكن !!!

عندما يتحدث الأخرون عن عيد الأم أتذكر أيامنا فى الثانوية حيث كنا نجلس فى شكل دائرى ونتحدث عما فعلنه بنا أمهاتنا .. من تفاصيل ، وغضب ، ونقد . كل فتاة منا كانت من مجتمع ، وتربية ، وموازين مختلفة عن الأخرى ولكن جميعنا كنا نعاني من تربية الأم السودانية. وفي كل صباح كانت تنضم الى حزب النقاش فتاة جديدة .. وكنا نكتشف أن الامهات السودانيات مهما اختلفت مستوياتهن العلمية او البيئية فهن من حواء سودانية واحدة بمعايير ثابته .. حتى اننا دُهشنا حينما أكتشفنا أن حتى الفاظ (التجريح، والزجر والعقوية) متشابهه اذا لم تكن متطابقة . ورحمة الله عليه دكتور عبدالجليل كرار"مدير مدرسة المنار الجديد بنات" كان يأتي ليجلس معنا ويطلق علينا ( جمعية مناهضة الأم السودانية ) فكنا نعترض على لفظ الأم ونضيف (تربية الأم) السودانية .. من الجانبين تربيتها هي كفتاة ، وحينما تغدو مُربية . كنا نفتتح النقاش بملاحظات أو أسئلة صغيرة مثل ( تفتكروا في زول فى السودان بكره أمه ؟ ) كانت الاجابة المعتادة لا وكان السؤال الذي يليه لماذا ؟ كان الرد .. بعد صمت طويل للبحث عن مبرر، وخوفنا منه نقول لأنها بإختصار أم .. السؤال الذي يليه