التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ماذا ستختار؟

لا بأس بقليل من البذاءة وعدم الاحترام والتعنت والصراخ والتمرد في هذه الحياة فحتى الرب يستحب اخطائنا وتوبتنا 

لكن النظرية المثالية في المجتمع المسلم الشرقي ضد الخطايا وتحفز بعنف شديد منذ الصغر على اظهار الملاك الذي يسكنك على الرغم أنني ويا سبحان الله لم أصادفه في حياتي منذ أن وعيت لمعنى الحياة


بالمقابل كل الذي يحوم حولك هو السباب من والديك مع حفنة قليلة من الكلمات الرقيقة الموسمية، تهاجمك شهوة النساء والرجال في مراهقتك ولا أحد يدلك لطريق الخلاص سوى أصدقاء -بارك الله فيهم- ينعتون بأصدقاء السوء رغم أن سوئهم كان المنقذ الوحيد في مقابلة الصمت من المجتمع الذي يعشق الرزيلة ويخرس حينما تحتاجها، ثم تبتلع صديد المجتمع بكل فئاته في العمل في الشارع في الزواج حتى الإمام في المسجد الذي تأوي اليه اسبوعيا لا ينفك يشعل نيران غضبك لا تهدئته


النتيجة إما ازدواجية تعتريك كما حدث لكل الذين سبقوك في الحياة وإما صمت طويل لا فكاك منه أو الهرب وغالبا ما يختار العاقل هذا الأخير لأنه أخف ضررا


نهرب من بلداننا ومن منازلنا ومن أنفسنا ومن عباداتنا ومن أزواجنا ومن خالقنا فليس لدينا من الشجاعة ولا الايجابية ولا الخبرة يجعلنا قادرين على الوقوف على أقدامنا بعد أن تعودنا الخنوع وتثبيط الهمة والردم ونحن في المهد 


هل تعتقد أن بضعة جلسات نفسية أو دورات تدريبية أو كتب عن الايجابية قد يُحيي إنسانك الذي وئد وهو رضيع؟ 

هل تعتقد أن ندم شيخ كبير مبيض اللحية كنت في يوما ما تقف أمامه مذلول لمجرد أنك رسبت في اختبار فصلي قد ينهي ويغفر عذابات الطفولة والتبول الليلي خوفا منه؟

هل تعتقد أن الانتقال الى عمل في أقاصي الأرض والتمتع بسهول وبحار ونساء الفرنجة ولذة الخمر وسحر المجتمعات المزركشة قد يطفئ حرقة الدونية التي شعرت بها وأنت تترجى من تحب وأهلها بأن يمهلوك عاما لكيما تتزوج؟

هل تتصور أن عضلة النسيان في هذا المخ الصغير قد تفرز كل مذيباتها لتنسيك ذكريات الصفع والذل والحوجة حينما سقطت في يد شرطي مبتدئ وانت تنتظر طويلا التوقيع على معاملة لا تحتاج الا لدقيقتين؟

هل تعلم أن لا شئ في الارض يمحو وصمة العار وكسرة النفس حينما تغتصب فتاة لمجرد أن رجل يحمل في يده ورقة وقع عليها شاهدين وولي أمر لا يهمه كيف وبماذا تفكر ومن تريد؟

 

ورغم هذا ما زال الداعية يحفز الملاك الذي يتخيل اليه أنه بين جنبتيك ويحاول أن ينفض عنك روث الخطيئة والكفر كما يسمونه حتى تستعيد ساقيك أو قل عكازتيك كيما تمشي مرفوع الرأس واثق الخطى وضئ الهامة مستبشر العينين صادق القلب عفيف اللسان متسامح.....الخ


عفوا أيها القارئ هل يمكنني التلفظ؟ فلم أعد احتمل (يمكنك استخدام الصافرة التي نسمعها في التلفاز)


Seriously...؟


ملاك وسط الشياطين؟ 

صادق والكل منافق؟

عفيف بين الجشع؟

متسامح ولا شي تفهمه غير العنف؟


يبصق في وجهك ويطالبك أن تمدحه لأن الرزاز الذي يغطي وجهك ما هو الإ لتقديرك ومصلحتك. ماذا ستختار أن تصفعه أم تصدقه أم تهرب؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يوم في مصحة عقلية

من يعش بين المجانين يصعب عليه العيش وسط العقلاء  في الأولى نفوس مضطربه ولكنها صافية، عقول غائبة ولكنها مسالمة أما في دنيا العقلاء فأنت وسط جيش يقحمك في معارك المشاعر المتسخة والعقول الماكرة إما قتلوك غدرا وإما أسروك تشفيا  اليوم الذي يقتادوك فيه الى المصحة العقلية وسط عدد ليس بقليل من المضطربين، سترتعد من تصرفاتهم وهيئتهم وعبثهم, ويصيبك تشويش ذهني طفيف وأنت تستحضر كل أحاديث العقلاء عن الجنون, وكل ما قرأت عن فاقدي العقل. كما تتدفق صور كل النساء والرجال المتسخين والحفايا والهائمين على وجوههم في الأسواق والشوارع وهم يحدثون أنفسهم ويصرخون، والجميع يتجنبهم أو يصرفهم بلؤم.  تخافهم بعقل ويهابونك بلا عقل... اذا حالفك الحظ وأطالوا اقامتك بين المرضى -ولا أعلم من هو المريض أنت أم هم- سيهالك الفزع والحيرة عند اكتشافك أنك أول عاقل تسبب في زج هؤلاء إلى سجن الذهول هذا الذي يحاصرهم. حينئذ لا تبتئس وتشعر بالتعاطف أو تبلل خديك عبثا فالمجرم بلا قلب انما بعقل كامل ومتقد. لا تحاول ان تستجوب المشرف الطبي عن قصصهم فلن يستوعب عقلك الكبير مدى البؤس الذي اجتاحهم من عقلاء حولهم، ولن تدرك الفوضى التي خلفها المجتم

أمـــي .. ولـــــكن !!!

عندما يتحدث الأخرون عن عيد الأم أتذكر أيامنا فى الثانوية حيث كنا نجلس فى شكل دائرى ونتحدث عما فعلنه بنا أمهاتنا .. من تفاصيل ، وغضب ، ونقد . كل فتاة منا كانت من مجتمع ، وتربية ، وموازين مختلفة عن الأخرى ولكن جميعنا كنا نعاني من تربية الأم السودانية. وفي كل صباح كانت تنضم الى حزب النقاش فتاة جديدة .. وكنا نكتشف أن الامهات السودانيات مهما اختلفت مستوياتهن العلمية او البيئية فهن من حواء سودانية واحدة بمعايير ثابته .. حتى اننا دُهشنا حينما أكتشفنا أن حتى الفاظ (التجريح، والزجر والعقوية) متشابهه اذا لم تكن متطابقة . ورحمة الله عليه دكتور عبدالجليل كرار"مدير مدرسة المنار الجديد بنات" كان يأتي ليجلس معنا ويطلق علينا ( جمعية مناهضة الأم السودانية ) فكنا نعترض على لفظ الأم ونضيف (تربية الأم) السودانية .. من الجانبين تربيتها هي كفتاة ، وحينما تغدو مُربية . كنا نفتتح النقاش بملاحظات أو أسئلة صغيرة مثل ( تفتكروا في زول فى السودان بكره أمه ؟ ) كانت الاجابة المعتادة لا وكان السؤال الذي يليه لماذا ؟ كان الرد .. بعد صمت طويل للبحث عن مبرر، وخوفنا منه نقول لأنها بإختصار أم .. السؤال الذي يليه