التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الورقـــة الزرقــــاء


استيقظت ذات صباح كانت فيه كل الاشياء كما هي العادة بعضها ذا وجه أنيق والآخر لا يبشر بأي نكهة للسعادة. كان إستيقاظي بحثا عن لون مشرق وجديد بين خيوط الشمس الحارقة ، فربما لو إستطعت الخروج من فكرة الإحتراق وحرارة الشمس وكل التفاصيل السخيفة التي نرددها على مدار العمر لربما وجدت ضالتي في نهار يبعث برؤية مختلفة للمحبة والإطمئنان.

وانا إهم بركوب سيارتي وجدت على الزجاج الامامي بين الممسحة ورقة يبدو ان احدهم وضعها لكيما أنتبه. لا ادري هل فعل مع كل السيارات في الحي ذات الأمر ام انه يعلم ان كل فكرة تُكتب تهمني وتستهويني حد الإعياء . ورقه زرقاء تفهم من طباعتها ان صاحبها لا يجد الكثير من المال لكيما يجود طباعته ، ولكن لا تقلق يا حامل الأوراق هذا حال بلد بأكمله ليس فقط صانعي المنتجات وحدهم بل الجميع لا يبحثون عن الجودة . كان محتواها إعلان عن مساعدة اليتامى وكما هي العادة الإستجداء ، الآيات الشريفه ، والكلمات الرقيقة وأرقام للهواتف التي تحمل فكرة جديدة تشبه العصر وهي التبرع عن طريق الرصيد.

قرأتها وأنا اسأل نفسي ما هو اليتم وما معنى أن تبقى بلا والدين ؟ من الذي يعاني حقيقة من فقدان الإقرباء ، إذا كنا جميعا نعيش ضمن مدينة واحدة ودائرة لها حدود ولا ندري من منا شبعان أو جائع ؟ قرأتها وكلي غبطة وغضب لماذا هذا الإستجداء والتذكير بواجبنا ؟ لماذا دوما نحن منشغلين عن مجتمعنا ؟ لماذا يصل الحال بنا لتنبيهنا وشحذتنا من أجل الواجب ؟.
هؤلاء الصغار ليسوا وحدهم الأيتام فكثير من الناس والشباب والأغراب يملأهم اليتم ، فللمدينة أصوات تنادي ليلا ولا احد منا يسمعها ، وللأحياء معاناة لا يدركها ولا ينتبه إليها الا الجدران التي ستشهد في يوم ما علينا.

يشغلنا الواجب الذي يرضي غرورنا فقط ويبعدنا عن الملامة كالفاتحة على عزيز ، او عرس أحداهن التي لا يكف لسانها عن اللوم فنذهب مرغمين على إسكاتها. حتى الواجب فقد معناه الحقيقي فما عادت الفرحة للمشاركة، وما عادت الدمعة فى بيوت العزاء للمواساة جميعها مظاهر لنتقي اللوم . إذا كنا بالفعل نعلم ماهو الواجب لما كانت أضطرت منظمة أنوار الشمائل المحمدية ان تُرفق مع إعلانها الازرق بلائحة تحمل أسامي الاطفال اليتامى لتُثبت مصداقية مجهوداتها ، ولكيما تُقنعنا أن الواجب ليس مصدر للسرقة أو النهب .

أي حآل هذا الذي يدفعنا للكشف عن خصوصية الصغار وعرض يتمهم للنشر لنلفت إنتباه المجتمع المتقاعس عن واجبه الطبيعي تجاه الآخر ؟ أي قلوب هذه التي تفهم أن المساعدة هي التجود بالمال فقط وليس الإهتمام والرعاية ؟ الآ يهمك إذا كان الصغير ينفق المال على شراء السلسيون أو الطعام ؟ ليس من المعقول الا يكون لنا خيال في فهم الإنسانية فيا كل الذين يفعلون الخير وكل الذين ينظرون اليه إن كان بإهتمام أو غير ذلك لا نفسروا الخير بزاوية واحده .
المال عند الكثيرين ومنهم من يعطيه للغير ولكن ماهي الكيفية لإعطائه ؟ هل نحن بهذا الانشغال على الا نجد ساعة في ال24 ساعة من يومنا ونربت على أيدي اليتيم او الفقير او نزيح هموم المساكين ؟ هل أصبحنا في مصافي الدول الغنية التي تعمل بكد وإنشغال دائم لرفع إنتاجيتها ولا تجد متسع لمجتمعها وأنا غافله ؟. وبعد هذا كله نرفع أيدينا للسماء في كل صلاة طالبين من العلي القدير ان يحل مشاكلنا ، ويبعد عنا الأذى ، ويوفقنا. نحن لا نفعل شي يستحق الإستجابة لدعاءنا ؟ نحن لا نكترث إذا تألم غيرنا فكيف نطلب من الغير ألا يؤلمونا ؟

ومثلما بدأ صباحي بترقب الجديد إنتهى بالبحث عن الإجابة لحال هؤلاء الصغار الذين كما يبدو لن يجدوا من يملأ فراغ يتمهم هذا حتى إذا أغنتهم أموال الصدقات والكفالات.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماذا ستختار؟

لا بأس بقليل من البذاءة وعدم الاحترام والتعنت والصراخ والتمرد في هذه الحياة فحتى الرب يستحب اخطائنا وتوبتنا  لكن النظرية المثالية في المجتمع المسلم الشرقي ضد الخطايا وتحفز بعنف شديد منذ الصغر على اظهار الملاك الذي يسكنك على الرغم أنني ويا سبحان الله لم أصادفه في حياتي منذ أن وعيت لمعنى الحياة بالمقابل كل الذي يحوم حولك هو السباب من والديك مع حفنة قليلة من الكلمات الرقيقة الموسمية، تهاجمك شهوة النساء والرجال في مراهقتك ولا أحد يدلك لطريق الخلاص سوى أصدقاء -بارك الله فيهم- ينعتون بأصدقاء السوء رغم أن سوئهم كان المنقذ الوحيد في مقابلة الصمت من المجتمع الذي يعشق الرزيلة ويخرس حينما تحتاجها، ثم تبتلع صديد المجتمع بكل فئاته في العمل في الشارع في الزواج حتى الإمام في المسجد الذي تأوي اليه اسبوعيا لا ينفك يشعل نيران غضبك لا تهدئته النتيجة إما ازدواجية تعتريك كما حدث لكل الذين سبقوك في الحياة وإما صمت طويل لا فكاك منه أو الهرب وغالبا ما يختار العاقل هذا الأخير لأنه أخف ضررا نهرب من بلداننا ومن منازلنا ومن أنفسنا ومن عباداتنا ومن أزواجنا ومن خالقنا فليس لدينا من الشجاعة ولا الايجابية ولا الخبرة

أمـــي .. ولـــــكن !!!

عندما يتحدث الأخرون عن عيد الأم أتذكر أيامنا فى الثانوية حيث كنا نجلس فى شكل دائرى ونتحدث عما فعلنه بنا أمهاتنا .. من تفاصيل ، وغضب ، ونقد . كل فتاة منا كانت من مجتمع ، وتربية ، وموازين مختلفة عن الأخرى ولكن جميعنا كنا نعاني من تربية الأم السودانية. وفي كل صباح كانت تنضم الى حزب النقاش فتاة جديدة .. وكنا نكتشف أن الامهات السودانيات مهما اختلفت مستوياتهن العلمية او البيئية فهن من حواء سودانية واحدة بمعايير ثابته .. حتى اننا دُهشنا حينما أكتشفنا أن حتى الفاظ (التجريح، والزجر والعقوية) متشابهه اذا لم تكن متطابقة . ورحمة الله عليه دكتور عبدالجليل كرار"مدير مدرسة المنار الجديد بنات" كان يأتي ليجلس معنا ويطلق علينا ( جمعية مناهضة الأم السودانية ) فكنا نعترض على لفظ الأم ونضيف (تربية الأم) السودانية .. من الجانبين تربيتها هي كفتاة ، وحينما تغدو مُربية . كنا نفتتح النقاش بملاحظات أو أسئلة صغيرة مثل ( تفتكروا في زول فى السودان بكره أمه ؟ ) كانت الاجابة المعتادة لا وكان السؤال الذي يليه لماذا ؟ كان الرد .. بعد صمت طويل للبحث عن مبرر، وخوفنا منه نقول لأنها بإختصار أم .. السؤال الذي يليه

فزع

هل جربت ان تصحو منتصف الليل فزعا تتحسس مثلك وقيمك؟ هل أضناك البحث عن أسباب انهيار القيم المجتمعية والاخلاقية فيمن حولك؟ هل تبحث بين الكتب والمراجع عن مجتمعات فاضلة لتندس وتهرب اليها؟ هل تطيل النظر في عيني كل من تتعرف عليه حديثا متفحصا ومتوجسا من أن يكون مفلس أخلاقيا؟ يعتقد الاغلبية منا أن من أبتلوا بالاعاقات النفسية ومتكدسين في المستشفيات والمصحات العقلية أنهم ضحايا الحياة أو ضحايا أنفسهم، لكنهم مع الأسف ضحايا مجتمع (زيرو أخلاق) مفلس وغير واعي لافلاسه. تقوده جذوة النفس الأمارة بالسوء وهو لا يدرك أنه من أهل السوء ويكاد يهدم ويقتل ويحرق ليثبت أنه ليس من هذه الفئة حينما تصبح الاخلاق مجرد جمل وصفات تكميلية تكتب على السير الذاتية وليست افعال تمثلنا حينها يصبح جميع من بالمجتمع ملصقات مزخرفة معبئة بأردئ أنواع المنتجات مغشوشة ومزيفة