ما بين الأرض والمنفى .. وما بين الحب وعدم المبالاة نجد قصص كثيرين من أهل بلادي الذي رحلوا إما اختيارا أو قسراً ينشدون الأمل في مرافئ جديدة للعلم وللمأوى وللحلم النظيف ، لكنهم استلذوا آلام غيرهم من أحبة وأقارب، وبخلوا بالوقت والعشرة فقست قلوبهم على من ينتظرون المواقيت السعيدة والحزينة ليأتوا إليهم حافلين بالأشواق ومحملين بالذكريات . فرحلوا إلى غير مكان وبلا عودة. يقلقني جدا مصير النسل السوداني وهو يؤول الى الإنقراض من حيث إنتمائه الوطنى والثقافي والفكري، يقلقني أكثر خواء المساحات الشاسعه التي يتزاحم الآخرون للإستحواذ على كل شبر منها لكيما يجدوا أرض للسكن والمأوى ، يقلقني هزيمة شعب بأكمله فى عدم التغلب على أهوائه الخاصة من أجل مستقبل أجيال قادمة وتغيير قادم . حينما بدأت الكتابة فى صحيفة الخرطوم بعمود إسبوعي يحمل إسم "تفاصيل". زاحمتني الإتصالات العالمية بكل وسائلها من السودانيين فى الغربة، سودانيون يختلفون في مزاجياتهم وأعراقهم وأحلامهم ولكن مشحونون بأشواقهم للوطن ، سودانيون متوغلون فى الإغتراب ، متمسكون بالإنسحاب ، وراضيون بالمنفى المزخرف براحة العيش والجسد والهوى الذي يخلو من