التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من سبتمبر, ٢٠٠٩

الإغتراب .. أم الإنسحاب

ما بين الأرض والمنفى .. وما بين الحب وعدم المبالاة نجد قصص كثيرين من أهل بلادي الذي رحلوا إما اختيارا أو قسراً ينشدون الأمل في مرافئ جديدة للعلم وللمأوى وللحلم النظيف ، لكنهم استلذوا آلام غيرهم من أحبة وأقارب، وبخلوا بالوقت والعشرة فقست قلوبهم على من ينتظرون المواقيت السعيدة والحزينة ليأتوا إليهم حافلين بالأشواق ومحملين بالذكريات . فرحلوا إلى غير مكان وبلا عودة. يقلقني جدا مصير النسل السوداني وهو يؤول الى الإنقراض من حيث إنتمائه الوطنى والثقافي والفكري، يقلقني أكثر خواء المساحات الشاسعه التي يتزاحم الآخرون للإستحواذ على كل شبر منها لكيما يجدوا أرض للسكن والمأوى ، يقلقني هزيمة شعب بأكمله فى عدم التغلب على أهوائه الخاصة من أجل مستقبل أجيال قادمة وتغيير قادم . حينما بدأت الكتابة فى صحيفة الخرطوم بعمود إسبوعي يحمل إسم "تفاصيل". زاحمتني الإتصالات العالمية بكل وسائلها من السودانيين فى الغربة، سودانيون يختلفون في مزاجياتهم وأعراقهم وأحلامهم ولكن مشحونون بأشواقهم للوطن ، سودانيون متوغلون فى الإغتراب ، متمسكون بالإنسحاب ، وراضيون بالمنفى المزخرف براحة العيش والجسد والهوى الذي يخلو من

رســـالة

الكتابة للاخر قد يفوح منها رائحة الملاذ الذي يبرر ترددك وهمجية مشاعرك ، فقد لا تحتمل ان تُصدِق ذاتك عند الحديث عنها ، وقد لا تبلغ العافية حينما تنعتها بأوصاف هى ادرى بها. محاولة تفكير، تأنيب ، ندم ، صراخ اى شكل من اشكال التفريغ ولكن بصوتٍ عالٍ. "لا يوجد انسان عادي يحتمل حالة( براك) ، أحيانا قد لا تكون لوحدك ولكن يتملكك شعور الوحدة ... تريد أن تلجأ لإنسان في ذاكرتك ، او حاضرك ، ولكنه فى مهب الريح" ... قد تجد الفرصة وتقتحم حياته للمرة الاخيرة ، لكن بطعم مختلف .. حينئذٍ يتملكك الخوف بأنك اصبحت فى ذاكرته بطعم اخر اكثر اختلافا ، وقتها يأخذك الموج حيث لا تريد ان تبقى .. حينما نحتفظ بالماضي في قبضة ايدينا ونبحث ونتطلع في ذات الوقت لطموحات أخرى ولدنيا اخرى ولظروف اخرى بالوان ومزاجيات مختلفة ، يتداخلك نزاع كيف تبني حلم جديد بمواصفات عصر قديم واحاسيس قديمة ... وللاسف انهما لا يلتقيان ... كثيرا ما يصيبنا الغرور بأننا سنتحتفظ دوما "بنحن" أي شخصياتنا بكل اوصافنا وعِلاتنا داخل من نريد ان نكون فى دواخلهم ، لكن تمر الايام ليثبت الزمن اندثارنا ، خروجنا من دائرة المعقول لللا