التخطي إلى المحتوى الرئيسي

سقف الطـــموح




من المعروف ان لكل بناء قاعدة يرتكز عليها الوجود فالمولد هو قاعدة الموت والموت هو سقف الحياة وبعدها يتحول دفتر البني آدم الى الارشيف . ولكن هل للمعرفة سقف ؟ وهل لطموح الفرد سقف؟

سؤال يؤرقني في كل عيد وفى كل مناسبة يباركك فيها الأهل بالأماني التقليدية( إن شاء الله السنة جاية في بيت عدلك ، ان شاء الله عندك تيمان) وهذه أكثرها تكراراً ولكن نادرا ما تجد من يطلق لك عنان الامنيات ويٌخيرك فيما تريد. أهلنا مولعين بسقف الاشياء من اصغرها الى أكبرها قدراً. وهذه الورثه تلاحقنا حتى فى مناهجنا وثقافتنا وسلوكياتنا فسقف المجتمع التقاليد وسقف المحبة الزواج وسقف العلم الدكتوراة وسقف الغنى المليار .. ولكن ماهو سقف السعادة ؟ ماهو سقف الرضا ؟ ماهو سقف العلم ؟ ماهو سقف المرأة ؟ .

هذا السقف الذي يحول بيننا وبين العالم الشغوف باللانهائيات وباللاميتافيزيقية ، فالرعب من الموت لم يوقفهم من استنساخ رجال ونساء ، الخوف من المرض لم يمنعهم من العيش بالألم ومحطاته ، ولكننا كمثال على ضعف مقدراتنا فى البحث والتطلع نوقف ذبح الضحية من أجل إشاعات لا صحة لها وجيراننا يتمتعون بشواء اللحم فقد تخيروا الخراف الصحية . دائما نوقف حياتنا ونسقفها بالوهم حتى الجنة والنار بالنسبة للمسلمين وهم للنهاية المحتومة - وما بينهما مربوط بهما- من قال ان الاخرة هي يوم للعقاب وللثواب فقط؟

هل حاول عبدٌ شغوفٌ بهذا اليوم أن يسأل ربه عن اصل الوجود ؟ تطلع ليرى سيدنا داوود بعينه ليشاهد جموع الخلق أو ليمارس هواية النظر فى النساء كما فعل فى دنياه ليعلم اين سنقف يوم الحشر فى اي ارض او اي سماءز ذات مرة قال لي صديق وهو يسخر من نفسه قائلا بلغة سودانية ساخرة ( لا حولااااااااااا النار دى حتكون رابه خلاص فيها ناس بوب مارلي وحواء الطقطاقه ونجيب الدلاليك والغنا والهيصه ) كثيرون سيقولون ان هذا القول به شئ من الكفر او اللادين ولكن بالنسبة لى كان تفكير جديد وخيال خصب مختلف فى النظر ليوم الحشر . وهذه هي مساحة للعقل اعطانا إياها الله تعالى .
فالفلاسفة كانوا يطلقون عنان التصور للبحث عن كينونة العقل والروح والمادة والرب ومن أجل هذا تطور العلم. الان من يصنعون العلم هم بلا نهاية سعيدة ولكنهم موقنون ان السعادة فيما انتجوه فيما حققوه فيما يعيشونه وفى كل يوم يتعالى طول الامنيات ويتقاصر صوت الهزيمة ، فى كل يوم تُصنع فكرة جديدة ليس لتوفر الامكانية انما لوفرة العقول التى تفكر بلا محدودية .
الان اذا تحدثنا عن المقدرات والعلم المواهب فى السودان فهي منتشره في العالم فكثُر هم ابناء السودانيين الذي تفوقوا فى بلدان اجنبية وعربية كثُر السودانيين الذين حققوا ارقام قياسية فى مسابقات اقليمية ولكن رغم ذلك نحن نسقفهم بمرحلة التفوق هذه ولا ندع لهم الباب للإرتقاء المطلق فمثلا اذا انتج الأدب كاتب روائي جديد فنثني عليه ونتبعها بقول ( لكن وييييييين للطيب صالح فى الرواية ) ، اذا لمع نجم مطرب جديد نقارنه بعثمان حسين وبأجيال الحقيبه هذا هو سقف الثقافه ، وكذا الحال فى السياسة وفى الدين . أؤمن بالكلمة التي قالها الحلاج قال : وسئل الحسين: لم طمع موسى- عليه السلام- في الرؤية وسألها؟ . فقال: لانه أنفرد للحق، وانفرد الحق به، في جميع معانيه. وصار الحق مواجهه في كل منظور إليه، ومقالبله دون كل محظور لديه؛ على الكشف الظاهر إليه، لا على التغيب؛ فذلك الذى حمله على سؤال الرؤية لاغير . ونفس هذا الرجل يقتل لتجديده وهو القائل :
مكانُك من قلبي هو القلبُ كلُّهُ--- فليسَ لَشَيء فيهِ غَيركَ موْضِعُ
و حَطَّتْكَ روحي بينَ جِلْدي و أعْظُمي--- فكيف تراني إن فقدتُك أصْنَعُ ؟

الخوف من التطلع لمن يقتل المتنبئ وهو اشعر شعراء العصر العباسي حينما ادعى النبوة، الخوف من التجديد لم يحاسب الامام الشافعي حينما حول عقوبة قتل الساحر الى سجنه فى ارض الكنانة ، التطلع للغد يحاسب به صاحبه وهو مسؤول عن افعاله .



الطموح غير مرهون بمنطق وغير متوقف بعوالم بعينها إنما هو طاقة خلاقه تصلح للانتفاع او للضرر فهنالك اضرار كثيرة هي منافع فى احيانٍ اخرى استخدام الكحول فى الادوية استخدام الطاقة النووية فى الصناعة عمليات الاجهاض لتفادي التشويه ، لماذا دائما على ألستنا الحرمة تسبق الحلال ولماذا سوء النية يسبق حسنها ولماذا السقف يسبق البناء ؟

هذه تساؤلات من أجل رؤية جديدة للبحث عن الافق الغير مسقوف ، للتربية الغنية بالافاق الجديدة وبلا حجر ، لتطوير البني ادم من اجل بناء أمة واعية متفهمة .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماذا ستختار؟

لا بأس بقليل من البذاءة وعدم الاحترام والتعنت والصراخ والتمرد في هذه الحياة فحتى الرب يستحب اخطائنا وتوبتنا  لكن النظرية المثالية في المجتمع المسلم الشرقي ضد الخطايا وتحفز بعنف شديد منذ الصغر على اظهار الملاك الذي يسكنك على الرغم أنني ويا سبحان الله لم أصادفه في حياتي منذ أن وعيت لمعنى الحياة بالمقابل كل الذي يحوم حولك هو السباب من والديك مع حفنة قليلة من الكلمات الرقيقة الموسمية، تهاجمك شهوة النساء والرجال في مراهقتك ولا أحد يدلك لطريق الخلاص سوى أصدقاء -بارك الله فيهم- ينعتون بأصدقاء السوء رغم أن سوئهم كان المنقذ الوحيد في مقابلة الصمت من المجتمع الذي يعشق الرزيلة ويخرس حينما تحتاجها، ثم تبتلع صديد المجتمع بكل فئاته في العمل في الشارع في الزواج حتى الإمام في المسجد الذي تأوي اليه اسبوعيا لا ينفك يشعل نيران غضبك لا تهدئته النتيجة إما ازدواجية تعتريك كما حدث لكل الذين سبقوك في الحياة وإما صمت طويل لا فكاك منه أو الهرب وغالبا ما يختار العاقل هذا الأخير لأنه أخف ضررا نهرب من بلداننا ومن منازلنا ومن أنفسنا ومن عباداتنا ومن أزواجنا ومن خالقنا فليس لدينا من الشجاعة ولا الايجابية ولا الخبرة

أمـــي .. ولـــــكن !!!

عندما يتحدث الأخرون عن عيد الأم أتذكر أيامنا فى الثانوية حيث كنا نجلس فى شكل دائرى ونتحدث عما فعلنه بنا أمهاتنا .. من تفاصيل ، وغضب ، ونقد . كل فتاة منا كانت من مجتمع ، وتربية ، وموازين مختلفة عن الأخرى ولكن جميعنا كنا نعاني من تربية الأم السودانية. وفي كل صباح كانت تنضم الى حزب النقاش فتاة جديدة .. وكنا نكتشف أن الامهات السودانيات مهما اختلفت مستوياتهن العلمية او البيئية فهن من حواء سودانية واحدة بمعايير ثابته .. حتى اننا دُهشنا حينما أكتشفنا أن حتى الفاظ (التجريح، والزجر والعقوية) متشابهه اذا لم تكن متطابقة . ورحمة الله عليه دكتور عبدالجليل كرار"مدير مدرسة المنار الجديد بنات" كان يأتي ليجلس معنا ويطلق علينا ( جمعية مناهضة الأم السودانية ) فكنا نعترض على لفظ الأم ونضيف (تربية الأم) السودانية .. من الجانبين تربيتها هي كفتاة ، وحينما تغدو مُربية . كنا نفتتح النقاش بملاحظات أو أسئلة صغيرة مثل ( تفتكروا في زول فى السودان بكره أمه ؟ ) كانت الاجابة المعتادة لا وكان السؤال الذي يليه لماذا ؟ كان الرد .. بعد صمت طويل للبحث عن مبرر، وخوفنا منه نقول لأنها بإختصار أم .. السؤال الذي يليه

فزع

هل جربت ان تصحو منتصف الليل فزعا تتحسس مثلك وقيمك؟ هل أضناك البحث عن أسباب انهيار القيم المجتمعية والاخلاقية فيمن حولك؟ هل تبحث بين الكتب والمراجع عن مجتمعات فاضلة لتندس وتهرب اليها؟ هل تطيل النظر في عيني كل من تتعرف عليه حديثا متفحصا ومتوجسا من أن يكون مفلس أخلاقيا؟ يعتقد الاغلبية منا أن من أبتلوا بالاعاقات النفسية ومتكدسين في المستشفيات والمصحات العقلية أنهم ضحايا الحياة أو ضحايا أنفسهم، لكنهم مع الأسف ضحايا مجتمع (زيرو أخلاق) مفلس وغير واعي لافلاسه. تقوده جذوة النفس الأمارة بالسوء وهو لا يدرك أنه من أهل السوء ويكاد يهدم ويقتل ويحرق ليثبت أنه ليس من هذه الفئة حينما تصبح الاخلاق مجرد جمل وصفات تكميلية تكتب على السير الذاتية وليست افعال تمثلنا حينها يصبح جميع من بالمجتمع ملصقات مزخرفة معبئة بأردئ أنواع المنتجات مغشوشة ومزيفة