التخطي إلى المحتوى الرئيسي

غولٌ.. يضاجع أنثى

لماذا نكتب بالرموز طالما نريد ان نوصل ما تئن به الدواخل ؟ لماذا يستشف فينا الاخرون طعم السعادة ونحن محترقون حتى النخاع ؟ لم كل هذا الزخم من النفاق والمجاملات طالما نحن لا نريدها ؟ الى اين دائرة الاقنعة التى لا تُقنِع ؟ ... الى متى هذا الخوف من المصداقية مع انفسنا ، والشعور بأن الكلمات الفاضحة خلقت لإدانتنا ؟

عندما قرأت بنهم موسم الهجرة الى الشمال كنت افكر في مغزى هذه الرواية ، واحاول وانا فى الثانوية ان يبحر بى عقلي المشوش الى دائرة تبرر موقف مصطفى سعيد تجاه اي امرأة عرفها او عاشرها ... فى نهاية الامر حاولت ان ادرك ان مصطفى سعيد هو افريقي عربي رمز للمستضعف المستغل من قبل البيض ومن قبل الاستعمار وجلادونا وسارقوا اوطاننا ... ومنتجي هذه الازمات التى نعيشها الان . فاستهوتني كثيرا رمزية الطيب صالح واخذتني بعيدا الى حين الدخول فى متاهات هذه الرمزية التي بقدر ما تولد ابداعا بقدر ما تخلف الفوضى للقارئ وللكاتب نفسه .
قرأت كثيرا من النصوص الرمزية التي يخلقها الكتاب والشعراء خاصة وهم فى مواجهة جلاد لا يفقه للرمزية ولا للكلمة غير الانتقام ... وبالنسبة للكاتب هي مساحة تنفس من خلف الاقنعة ، خوفا من ان تُكسر الاقلام ، خوفا من ان تقطع الالسنة ، ونُصبح بلا مثقفون وبلا السِنة ... لكن لاول مرة اكتشفت ان الرمز فى حد ذاته جريمة ، واداة تدميك قبل ان تداوي بدوائها ... كنا فى الجامعة نكتب بصورة مكثفة وفاضحة ومعقدة لكي نوصل افكارنا بلا تشوهات ولا تزوير للحقائق ، لكن رفضت افكارنا ، وما حملناه الكلمات .... فكتبت اول قصيدة رمزية من اجل الا تخرس الاقلام وللاسف اصبح الرمز بذاته فاجعة لم يغفرها القارئ حينذاك!!!

يُحكى ان امرأة تضاجع الغول

يأتيها ليلاً

يشربان نبيذاُ احمر

يوصلهما الى المنتهى

فتصبح الشهوات كالسمن السائح

ممسوحة فى وجهيهما

لا يدرك كل الاخر

فى غرفة مهجورة ... فى اخر منفى فى مدينتنا

الستائر تطاردها الريح ...

والابواب المشرعة

ادخل

ستسمع صوت انين واخر كالزئير

رائحة الصمغ والواح الخشب المبلل

الضوء معلق

تملي عليه الريح حركة شعاعه

صدى الظلمة

يلتفح تلك العلبة المنفية

ادخل

سترى اقمشة مرمية ( دارجة )

بدأ بما يستر عورتها الى ذاك العقد اليدوي ...

جسدان

اقتحم الاخر صاحبه

دون ن يعرف مالكه

فاقتلع كل جزور صديقتنا

غاص ....

فى مداخل مخارجها

مع اخر فجوة يتركها

يتجمد جسد فى منفى

مدهون بجميع اصباغ اللذة

لكن ....

الجسد المبهم لا ينبت

جاء الغد

وبعد الغد

ثم العام

يتعاطى الجسدان الاخر

وتبقى الحالة مدروسة

غول يضاجع انثى ....

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماذا ستختار؟

لا بأس بقليل من البذاءة وعدم الاحترام والتعنت والصراخ والتمرد في هذه الحياة فحتى الرب يستحب اخطائنا وتوبتنا  لكن النظرية المثالية في المجتمع المسلم الشرقي ضد الخطايا وتحفز بعنف شديد منذ الصغر على اظهار الملاك الذي يسكنك على الرغم أنني ويا سبحان الله لم أصادفه في حياتي منذ أن وعيت لمعنى الحياة بالمقابل كل الذي يحوم حولك هو السباب من والديك مع حفنة قليلة من الكلمات الرقيقة الموسمية، تهاجمك شهوة النساء والرجال في مراهقتك ولا أحد يدلك لطريق الخلاص سوى أصدقاء -بارك الله فيهم- ينعتون بأصدقاء السوء رغم أن سوئهم كان المنقذ الوحيد في مقابلة الصمت من المجتمع الذي يعشق الرزيلة ويخرس حينما تحتاجها، ثم تبتلع صديد المجتمع بكل فئاته في العمل في الشارع في الزواج حتى الإمام في المسجد الذي تأوي اليه اسبوعيا لا ينفك يشعل نيران غضبك لا تهدئته النتيجة إما ازدواجية تعتريك كما حدث لكل الذين سبقوك في الحياة وإما صمت طويل لا فكاك منه أو الهرب وغالبا ما يختار العاقل هذا الأخير لأنه أخف ضررا نهرب من بلداننا ومن منازلنا ومن أنفسنا ومن عباداتنا ومن أزواجنا ومن خالقنا فليس لدينا من الشجاعة ولا الايجابية ولا الخبرة

أمـــي .. ولـــــكن !!!

عندما يتحدث الأخرون عن عيد الأم أتذكر أيامنا فى الثانوية حيث كنا نجلس فى شكل دائرى ونتحدث عما فعلنه بنا أمهاتنا .. من تفاصيل ، وغضب ، ونقد . كل فتاة منا كانت من مجتمع ، وتربية ، وموازين مختلفة عن الأخرى ولكن جميعنا كنا نعاني من تربية الأم السودانية. وفي كل صباح كانت تنضم الى حزب النقاش فتاة جديدة .. وكنا نكتشف أن الامهات السودانيات مهما اختلفت مستوياتهن العلمية او البيئية فهن من حواء سودانية واحدة بمعايير ثابته .. حتى اننا دُهشنا حينما أكتشفنا أن حتى الفاظ (التجريح، والزجر والعقوية) متشابهه اذا لم تكن متطابقة . ورحمة الله عليه دكتور عبدالجليل كرار"مدير مدرسة المنار الجديد بنات" كان يأتي ليجلس معنا ويطلق علينا ( جمعية مناهضة الأم السودانية ) فكنا نعترض على لفظ الأم ونضيف (تربية الأم) السودانية .. من الجانبين تربيتها هي كفتاة ، وحينما تغدو مُربية . كنا نفتتح النقاش بملاحظات أو أسئلة صغيرة مثل ( تفتكروا في زول فى السودان بكره أمه ؟ ) كانت الاجابة المعتادة لا وكان السؤال الذي يليه لماذا ؟ كان الرد .. بعد صمت طويل للبحث عن مبرر، وخوفنا منه نقول لأنها بإختصار أم .. السؤال الذي يليه

فزع

هل جربت ان تصحو منتصف الليل فزعا تتحسس مثلك وقيمك؟ هل أضناك البحث عن أسباب انهيار القيم المجتمعية والاخلاقية فيمن حولك؟ هل تبحث بين الكتب والمراجع عن مجتمعات فاضلة لتندس وتهرب اليها؟ هل تطيل النظر في عيني كل من تتعرف عليه حديثا متفحصا ومتوجسا من أن يكون مفلس أخلاقيا؟ يعتقد الاغلبية منا أن من أبتلوا بالاعاقات النفسية ومتكدسين في المستشفيات والمصحات العقلية أنهم ضحايا الحياة أو ضحايا أنفسهم، لكنهم مع الأسف ضحايا مجتمع (زيرو أخلاق) مفلس وغير واعي لافلاسه. تقوده جذوة النفس الأمارة بالسوء وهو لا يدرك أنه من أهل السوء ويكاد يهدم ويقتل ويحرق ليثبت أنه ليس من هذه الفئة حينما تصبح الاخلاق مجرد جمل وصفات تكميلية تكتب على السير الذاتية وليست افعال تمثلنا حينها يصبح جميع من بالمجتمع ملصقات مزخرفة معبئة بأردئ أنواع المنتجات مغشوشة ومزيفة