التخطي إلى المحتوى الرئيسي

إنني لا أسترزق من كتاباتي


مسؤولية القلم أيها القارئ هي مسؤولية فوق طاقتنا والكلمة التي تخرج منا محسوبة علينا ومسطرة فى تاريخنا. وجميعنا نعلم أن التاريخ لا يرحم أحدا. وخاصة صاحب القلم فى مجتمع ضيق جدا كالمجتمع السوداني برغم المليون ميل مربع.. حينما يطالبني والدي بمقال يومي او إسبوعي على صفحات الجريدة أدفع قلمي دفعاً لكيما أُسطر فكرة أو أستجدي الكلمات لتخرجني من هذا الحرج أومن باب السؤال ولكنها للأسف دائما ما تخذلني .

لا أخفي عليكم أنني أحسد محترفي القلم والذين يتمتعون بغذارة فكرية وأدبية ، ودائما ما أتساءل هل هم على درجة عاليه من الحساسية والثورة الداخلية التي تجعلهم ذوي منتوج يومي . أم أنهم يتعاطون الكلمة بدهشة متكررة مما يترتب عليها فكرة ناضجة ، وسياق واضح ، وكلمات سهله مستثاغه ..

فى مخيلتي كان دائما الحرف هو بداية لقصة مستفزة ، أو لفكرة حائرة ، أو لتشويق قادم . لذلك أكون صبورة جدا وخاشعه جدا لكيما أتتبع أثر الأحرف فهي تخرج من داخلي متأدبة ومرة مندفعه وأحيانا صاخبه وكيفما إتفق المزاج العام تتفق معه الكلمة .

ليس الكلمات وحدها هي التي تقف حاجز بيني وبين منتوجي اليومي إنما حاجز القارئ أيضا ،ً الذي أصبحت الكلمة لديه مجرد تسليه أو قصة للأحجية (شمارات) ولم تعد الكلمات لديه ذات وقع وأهمية أوشيئُ يغير حياته وتفكيره. وهذا ما ترسخه الصحافة المقروءة بكثرة عددها وتشابه أخبارها وعناوينها. لا أحد يقرئها فهي لا تجتهد كثيرا لكيما ترتقي بالقارئ وتطوره ولا تضيف تنوع ثقافي او معرفي ولغوي . وأصبح كتابها رغم إختلافهم الفكري يتشابهون فى الرسالة التي ينشرونها، فكلُ يستفرد بزعامة صحيفة جديدة حبا في الوجاهة. وآخرون يتناحرون فيما بينهم إما لكسب بطولات شخصية أو لأنهم مأجورين ومرتزقه.

وهذا بالفعل ما يحيرني هل ما نكتبه له أذن صاغيه ورواج ، هل ما نكتبه يصل للقارئ المعني بالأمر أم أنه لا يستطيع أن يقرأ كل هذه العناوين فهي لا تهمه ولا تعنيه ؟. وبالتأكيد هو لا يستطيع أن يشتريها جميعها لكيما يجد ضالته .. هل نكتب ليصبح لنا صورة وقلم على إحدى الصحف ونتفاخر بها ، أم نكتب لأنها مسؤولية ولأن هنالك فكرة يجب أن تُقرأ ، و مأساة يجب أن تُحكى ، وشعب يحتاج لصوت داخل بلاطات الدولة لكيما يعبر عنه ؟

تجارة الحبر والورق هي رزق نبيل أما التجارة بالكلمة والحق هي فعل خسيس . لذلك أعذروني لا أستطيع أن أكتب كما يفعلون أو كما يتجملون فأنا لا أسترزق بكلماتي وإنما هي جزء من رؤاي ومن نفسي أكتبها لتُقرأ ويستفاد منها وأحاسب بها في يومٍ ما. ما ندعيه أنه رسم بالكلمات هو عبئ ثقيل إما خرجنا به من إطار التسلية والرزق والمشاحنات الى فضاء التنمية والتأسيس أو إستثمرناه لمصالحنا الشخصية وإستبحنا فيه المبادئ وتجاوزنا به الخُلق وجملنا به القبح.

أيها القارئ كما تتهم الشعوب الدول والحكومات بضياع حقها الإنساني فمن حقك أيضا أن تتهم الصحافة والإعلام بضياع صوتك وأملك فى التعبير عن معاناتك بشفافية مطلقة ، كما من حقك أن يُكتب لك ويُسمع منك. وأن تُنتخب فى المجالس والوزارات دونما أن تنصِب أحدا ليستغل معاناتك لكيما يسترزق منها ويتلاعب بها لتصفية حساباته مع الحاكم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماذا ستختار؟

لا بأس بقليل من البذاءة وعدم الاحترام والتعنت والصراخ والتمرد في هذه الحياة فحتى الرب يستحب اخطائنا وتوبتنا  لكن النظرية المثالية في المجتمع المسلم الشرقي ضد الخطايا وتحفز بعنف شديد منذ الصغر على اظهار الملاك الذي يسكنك على الرغم أنني ويا سبحان الله لم أصادفه في حياتي منذ أن وعيت لمعنى الحياة بالمقابل كل الذي يحوم حولك هو السباب من والديك مع حفنة قليلة من الكلمات الرقيقة الموسمية، تهاجمك شهوة النساء والرجال في مراهقتك ولا أحد يدلك لطريق الخلاص سوى أصدقاء -بارك الله فيهم- ينعتون بأصدقاء السوء رغم أن سوئهم كان المنقذ الوحيد في مقابلة الصمت من المجتمع الذي يعشق الرزيلة ويخرس حينما تحتاجها، ثم تبتلع صديد المجتمع بكل فئاته في العمل في الشارع في الزواج حتى الإمام في المسجد الذي تأوي اليه اسبوعيا لا ينفك يشعل نيران غضبك لا تهدئته النتيجة إما ازدواجية تعتريك كما حدث لكل الذين سبقوك في الحياة وإما صمت طويل لا فكاك منه أو الهرب وغالبا ما يختار العاقل هذا الأخير لأنه أخف ضررا نهرب من بلداننا ومن منازلنا ومن أنفسنا ومن عباداتنا ومن أزواجنا ومن خالقنا فليس لدينا من الشجاعة ولا الايجابية ولا الخبرة

أمـــي .. ولـــــكن !!!

عندما يتحدث الأخرون عن عيد الأم أتذكر أيامنا فى الثانوية حيث كنا نجلس فى شكل دائرى ونتحدث عما فعلنه بنا أمهاتنا .. من تفاصيل ، وغضب ، ونقد . كل فتاة منا كانت من مجتمع ، وتربية ، وموازين مختلفة عن الأخرى ولكن جميعنا كنا نعاني من تربية الأم السودانية. وفي كل صباح كانت تنضم الى حزب النقاش فتاة جديدة .. وكنا نكتشف أن الامهات السودانيات مهما اختلفت مستوياتهن العلمية او البيئية فهن من حواء سودانية واحدة بمعايير ثابته .. حتى اننا دُهشنا حينما أكتشفنا أن حتى الفاظ (التجريح، والزجر والعقوية) متشابهه اذا لم تكن متطابقة . ورحمة الله عليه دكتور عبدالجليل كرار"مدير مدرسة المنار الجديد بنات" كان يأتي ليجلس معنا ويطلق علينا ( جمعية مناهضة الأم السودانية ) فكنا نعترض على لفظ الأم ونضيف (تربية الأم) السودانية .. من الجانبين تربيتها هي كفتاة ، وحينما تغدو مُربية . كنا نفتتح النقاش بملاحظات أو أسئلة صغيرة مثل ( تفتكروا في زول فى السودان بكره أمه ؟ ) كانت الاجابة المعتادة لا وكان السؤال الذي يليه لماذا ؟ كان الرد .. بعد صمت طويل للبحث عن مبرر، وخوفنا منه نقول لأنها بإختصار أم .. السؤال الذي يليه

فزع

هل جربت ان تصحو منتصف الليل فزعا تتحسس مثلك وقيمك؟ هل أضناك البحث عن أسباب انهيار القيم المجتمعية والاخلاقية فيمن حولك؟ هل تبحث بين الكتب والمراجع عن مجتمعات فاضلة لتندس وتهرب اليها؟ هل تطيل النظر في عيني كل من تتعرف عليه حديثا متفحصا ومتوجسا من أن يكون مفلس أخلاقيا؟ يعتقد الاغلبية منا أن من أبتلوا بالاعاقات النفسية ومتكدسين في المستشفيات والمصحات العقلية أنهم ضحايا الحياة أو ضحايا أنفسهم، لكنهم مع الأسف ضحايا مجتمع (زيرو أخلاق) مفلس وغير واعي لافلاسه. تقوده جذوة النفس الأمارة بالسوء وهو لا يدرك أنه من أهل السوء ويكاد يهدم ويقتل ويحرق ليثبت أنه ليس من هذه الفئة حينما تصبح الاخلاق مجرد جمل وصفات تكميلية تكتب على السير الذاتية وليست افعال تمثلنا حينها يصبح جميع من بالمجتمع ملصقات مزخرفة معبئة بأردئ أنواع المنتجات مغشوشة ومزيفة